وسوم: ,


وكأنها المرة الأولى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كبّرتُ ووقفتُ للصلاة، وبدأتُ أقرأ الفاتحة، سورة نقرأها جميعاً، بل ونحفظها حفظنا لأسمائنا. صلاتي العادية البسيطة، ركعات وسجدات متتابعة، مجموعة من الآيات التي أقرأها ببطء فأستوعب معناها الظاهر وأقل من نصف معناها الباطن. تسابيح وتسابيح أنطق بها بشكل لا إرادي، كما أصلّي كل يوم.

وفي السجدة الأولى من الركعة الأخيرة، وجدتُ نفسي أفكّر في أنني فعلياً أسجد! نعم.. أسجد! شيئاً أفعله لسنين طوال، لم أفكّر فيه قط بهذه الطريقة، وكأنني أنظر إلى نفسي وأنا أسجد من بعيد، لأضع رأسي على الأرض ممجدّة وخاضعة لله وحده لا شريك له. أذهلتني الفكرة! فتلاشت جدران الغرفة التي كانت تحيطني، وشعرت بنفسي محلّقة في الفضاء، لا أعرف ما حولي، ولا أين أنا، كل ما استقرّ في عقلي الصغير أنني أسجد لربّي، تحيط بي هالة من نور!

شعرتُ بكل فخر أنني أمَة! وللمرة الأولى في حياتي أستوعب معنى السجود الطاهر، السجود الحقيقي. فراودتني رغبة شديدة في البكاء، لم أستطع إلى الآن أن أفسّر سببها، كل ما أعرفه أن هذه الدموع أسعدتني إلى حدّ لا أستطيع وصفه، وتمنّيتُ من كل قلبي لو كانت الأرض التي أسجد عليها تراباً لأعفّر وجهي بغبارها. وودتُ لو أنني لا أنهض من سجدتي هذه أبداً.. أبداً.

كنتُ قبل تلك اللحظة أستغل لحظة السجود لأدعو الله وأطلب منه، ولكني ولأول مرة أسجد لمجرّد إظهار الطاعة والحب فقط ولأعبّر لله عن لهفتي الشديدة على قربه. وفهمتُ السجود لأوّل مرة، وهذا الفهم المتأخّر جعلني أشعر بالحسرة والتحسّف على كل سجّدة سجدّتها لله وفاتني فيها مثل هذا الشعور..

تحياتي

أضف تعليقاً