وسوم:


جدران ومقاعد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
اعتدتُ خلال أيام دراستي الجامعية أن أقضي مع صديقاتي جل وقتنا في معمل اليونكس في قسم الحاسب. كنا نضع كتبنا في مكان محدد في المعمل ثم نذهب إلى محاضراتنا وحين ننتهي نعود لنعيدها ونأكل في (برغم أن الأكل كان ممنوعاً في المعمل). كان المكان بمثابة البيت الدافئ الذي يحوينا جميعاً، وقد تحول شيئاً فشيئاً مع مرور الأيام إلى ملك خاص لنا، لدرجة أن الطالبات إذا أردن الدخول كنّ يستأذنّ منّا  👿

ومرّت الأيام وحان وقت التخرّج وشهد المعمل الاحتفال كما كان متوقعاً، وأطلّت جدران القسم على فلاشات آلات التصوير التي كنا نحاول أن نوقف بها الزمن ونخزّنه على ورقه مصقولة.. وخرجنا من الجامعة دون أن نحفل بالعودة..

بعد التخرّج بثلاث سنوات.. عدتُ إلى الجامعة لأداء مهمة.. وقمتُ بعد تردد بزيارة القسم والمعمل..

حين دخلت المكان.. بحثتُ عن ضحكاتنا ومشاكساتنا، وعن لفائف الشطائر التي كنّا نخبئها عن مشرف المعمل، وعن سجادة الصلاة التي كنا نعطيها لأي طالبة في القسم لتصلي عليها، بحثتُ عن صورتي التي كنتُ أراها في أركان المكان وعن رائحة البرد أمام الشاشات السوداء..

لم أجد من ذلك شيئاً.. كله تبخر.. طالبات جدد قمن باحتلال المعمل ولم يبقَ لي فيه سوى جدران تكسوها الغربة، وبضعة مقاعد يحلّق حولها فراغ يملؤ المكان.. 🙁

ليتني لم أذهب.. لربما بقي المعمل في نظري ملاذاً آمناً أتخيله وأسترجع ذكرياتي فيه كلما ضاقت بي سبل الحياة.

وعرفتُ أن الغربة ليست غربة المكان.. بل هي الغربة التي نحملها معنا في قلوبنا حين نذهب إلى ذلك المكان بحثاً عما تسرّب من بين أصابعنا من ذكريات..

تحياتي
أوشال

تعليق واحد على “جدران ومقاعد”

  1. محمد نديم علي علق:

    لطالما أعجبت بكل إبداعاتك وخربششاتك أختي أوشال، لكن غيابي عن المنتديات ربما أبعدني عن متابعة ما تكتبين، لك الود باقات .
    دمت بخير ومبدعة كما أنت.
    النديم.

أضف تعليقاً