وسوم: ,


رحلة العمر

إاستيقظتُ باكراً في أحد أيام إجازتي على غير العادة. وتقلّبتُ في الفراش مدة، وأنا أغالب نفسي كي أعود للنوم مرة أخرى حتى يئستُ من المحاولات الفاشلة، قررتُ أن أنهض وأذهب إلى الصالة لأشارك أمي جلستها الصباحية مع التلفاز.

مع أولى خطواتي إلى الصالة تجمّدت قليلاً وأنا أحاول استيعاب ما تفعله أمي. كانت تمسك بآلة صغيرة نُطلق عليها محلياً اسم (السينمة) وهي على شكل نظارة، توضع على العين، ويوضع فيها قرص قد وُوزعت على محيطه مجموعة من الصور الصغيرة. تقوم  هذه الآلة بتكبير كل صورة من هذه الصور، ولها مقبض صغير توضع عليه سبابة اليد اليمنى، يقوم بالانتقال بين الصورة عند الضغط عليه. بشكل عام يُحضر زائرو البيت الحرم من حجاج ومعتمرين هذه (السينمة) كهدية للأطفال عند الرجوع للمنزل، إذ أن معظم الصور هي للحجاج والمشاعر المقدّسة في مكّة والمدينة.

كل هذا دار في رأسي بينما أبعدتْ أمي (السينمة) عن عينيها، ونظرتْ إليّ ببراءة وخجل، وكأنها طفلة أُلقي القبض عليها وهي تلعب بأعواد الكبريت. همستُ في خبث: “كم عاماً مضى وأنت تحتفظين بهذه يا أمي؟” أجابت بفخر: “عشرون عاماً!” جلستُ إلى جانبها أتفحّص الأقراص المتناثرة حولها، بينما تابعت ببساطة شديدة: “لقد اشتقتُ لرؤية الكعبة، فأخرجتُ (السينمة) لأراها”!

ما أروع أمي.. تحتفظ بلعبة أطفال، لمجرّد أنها من المكان المقدّس، لمجرّد أن فيها صوراً تذكّرها برحلة العمر..
أوشال

أضف تعليقاً