وسوم: ,


أثمن الهدايا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كان يقف أمام مكتبي مرتبكاً وهو يضع الكأس البلاستيكي المملوء لنصفه بماء زمزم بجانب علبة صغيرة من تمر المدينة. حمدتُ الله على سلامته، وهنّأته على ذهابه للأراضي المقدّسة.

هو عامل هندي يعمل على تقديم الشاي والقهوة للموظفين، وقد ذهب لأداء العمرة مع زوجته ليطلب من الله أن يرزقه بالأولاد التي حُرم منها لأكثر من عشرة أعوام.

كان لازال يقف مرتبكاً حين أخرج من جيبه سبحة صغيرة، ووضعها إلى جانب لوحة المفاتيح ووقف. لم يعرف ماذا فعلت بي هذه الحركة البسيطة! لوهلة انقلب الميزان الإجتماعي عندي، ووجدتني أقف له واتمتم بكلمات شكرٍ صادقة، بينما نظر إلي بارتباك ولكن هذه المرة بدا مسروراً جداً، ثم خرج وتركني أحملق في الباب الذي خرج منه.

هذا العامل نفسه، لم يكن ليتمكن من الذهاب للعمرة لولا توفيق الله ثم مساعدات المحسنين من حوله. ها هو يتذكّرني بشيء مهما انخفضت قيمته المادية فهو قد اقتطعها من ماله الذي هو أحوج الناس إليه!

فكّرتُ للحظة في كل الصدقات والمعونات التي نبذلها نحن من ذوي الدخل المعقول للمحتاجين من حولنا. نعطيهم من فُتات أموالنا، ونشعر بعدها أننا كرماء ومعطائون. كل هذا هزّه العامل في لحظة، ليخبرني بنوع آخر من الكرم.. نوع أنبل وأصدق مئات المرات من دريهمات قليل تفيض عن أموالنا فندفعها للفقراء.

هل يمكن أن تشعرنا كل هدية نحصل عليها بهذا الشعور؟ وهل يمكن أن يسعدنا الأخذ تماماً كما يسعدنا العطاء؟ بغضّ النظر.. لابد أنني سأحتفظ بهذه السبحة الصغيرة مادمتُ على قيد الحياة، لأني أراها بحق.. أثمن الهدايا!

هيا أخبرنا، ما هي أثمن الهدايا التي منحتها للآخرين، وما هي أثمن الهدايا التي تلقيتها منهم؟

تحياتي

أضف تعليقاً