وسوم: ,


حتى لا يخنقنا السقف!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كثيراً ما قرأتُ عن معوّقات الإبداع وعن دور القهر السياسي والاقتصادي في تحجيم الإبداع الإنساني في مجتمعاتنا العربية. وقد اقتنعتُ لمدة طويلة من الزمن أن الإنسان العربي في الأساس شخص مبدع ومفكّر، ولكن البيروقراطية والروتين يقيّدان طاقاته وإبداعاته. ولكنّي الآن أعلن توبتي عن تبنّي هذه الفكرة! فقد اكتشفتُ مؤخراً أن سقف الإبداع المنخفض الذي يضغط على رؤوس الطموحين منّا ليس سقفاً خارجيا، إنه سقف نصنعه لأنفسنا ويقوم بعضنا بخفضه لترتطم به رؤوس البعض الآخر كلما حاولوا التنفّس.

إن الأب الذي يُجبر ابنته على الزواج من ابن عمّها لا يختلف اثنان على أن الحكومة لم تطالبه بذلك، ولم تفرض عليه الأوضاع الإقتصادية هذا الأمر أيضاً. إنه يفعله برغبة داخلية من ذاته، ولعلها رغبة موروثة بحكم العادات والتقاليد ولكنها تظل رغبة نابعة من داخله. وكذلك المدير الذي يصر على استقدام خبير أشقر الشعر، ذي عيون زرقاء وإن كانت شهادته الثانوية العامة، مهما توفّرت له البدائل من المواطنين. إنه يفعل ذلك من تلقاء نفسه، دون أن يجبره عليه أحد.

أنا نفسي، كاتبة هذه السطور، أفرض على نفسي أن أختبئ خلف اسم مستعار كي لا أتعرّض للمساءلة الإجتماعية، برغم إيماني بالتزام قلمي وفكري. أنا أقهر نفسي، حتى لا أتعرّض لقهر المجتمع من حولي، وكلانا لا يخضع في ذلك لأي إكراه وإجبار سياسي أو اقتصادي.

إن هذا السقف الذي يسحقنا ويطالب أكثرنا برفعه، ليس سقفاً واحداً، بل إنّه في الواقع أسقف متعددة، لعل أعلاها –أو آخرها- هو سقف الحكومة والضغط السياسي، ولكن تسبقه مئات الأسقف التي نفرضها نحن على أنفسنا وعلى بعضنا البعض. فإذا أردنا أن تُرفع اليد الضاغطة على طموحاتنا وأفكارنا، علينا أن نرفع أيدينا التي تخنق من هم تحت سلطتنا وتضغط على كل ما تقع مسؤوليته علينا. عندها فقط سيرتفع هذا السقف، ولعله ينفتح كليلة القدر لتنطلق منه إبداعاتنا محققة جميع الطموحات والأحلام!

تحياتي

تعليقان 2 على “حتى لا يخنقنا السقف!”

  1. أوشال علق:

    جزاك الله خيراً على طيبتك ومرورك 🙂 شكراً لك

  2. hussain trad علق:

    اذهلتيني ,,, ما شاء الله عليكي
    انا قرأت جواهركي الان وللأسف لم اكتشفها حين طرحها
    على العموم وفقكي الله ….

أضف تعليقاً