وسوم:


القدرات الخارقة – 2

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذه تتمة الجزء الأول واسمحوا لي أن أسميها: قدراتنا الخارقة (2)

تحدّثت في الجزء الأول من هذا الموضوع عن صورة القدرات الخارقة في الإعلام الغربي، ووضعها ضمن إطار السحر والسحرة من “الخيّرين”. ولعل السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: هل كل القدرات الخارقة تندرج تحت مسمّى السّحر؟

بعيداً عن الأفكار المشبوهة التي تحدّثت عنها في الجزء السابق، فأنا مؤمنة أننا نعرف أقل القليل عن قدراتنا الكامنة في عقولنا وأجسادنا. فالله سبحانه وتعالى كرّمنا على كثير من المخلوقات بتلك القدرة الهائلة على الإبداع، وأختلف مع من يقول أن الله ميّزنا بالعقل ليحدّ هذا التفضيل بالقدرة على التفكير! لأنني أرى أن الكائنات الأخرى لديها مقدار من هذه القدرة التي تمكنها من تمييز عدوها من صديقها، وتمكّن الحيوانات الأليفة من الإستجابة للنداء إذا ناديناها باسمها، ولكن حتى أكثر هذه الكائنات تطوّرا تفتقر إلى الإبداع!

يمكن للأخطبوط أن يفتح زجاجة طعام مغلقة، كما يمكن للقرود أن يقوموا ببناء سلّم إذا حبسناهم في قفص مفتوح السقف، ولكنهم لا يمكن أبداً أن يعملوا سلماً فيه نظم أمن وسلامة، وذو زخرفة وجمال، لأن هذه الإضافات ببساطة تحتاج إلى قدرة أعلى من مجرّد التفكير، تحتاج إلى الإبداع، وهذه الطاقة التي يمتلكها الإنسان.

وحتى نستطيع أن نصل إلى هذه القدرات في داخلنا، فقد أعطانا الله سبحانه وتعالى مفتاحاً لها: “قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ” – النمل 40.

إن الله سبحانه وتعالى لم يحدد لنا نوع أو جنس هذا المخلوق الذي تمكّن من إحضار عرش بلقيس في الآية الكريمة، وقد اختلف المفسرون في كنهه فقد يكون عفريتاً من الجن وقد يكون غيره، وذُكر في تفسير الطبري أنه من الإنس. وسواء كان من الإنس أم من الجن، فما الذي جعل هذا المخلوق بالتحديد يتغلّب على غيره من الجنّ والإنس؟

لقد أخبرنا جل وعلا بالصفة الوحيدة التي نحتاج أن نعرفها عنه، وهي أن لديه نوعاً من العلم الذي تمكّن معه من إنجاز هذا العمل الخارق والتغلّب على الجميع.

إننا إذاً كمخلوقات عاقلة قد نمتلك في داخلنا قدرات خارقة نستطيع من خلالها عمل الأعاجيب، وكل ما نحتاج إليه هو أن يكون لدينا العلم، أن نعرف كيف نصل إلى تلك الأسرار الموجودة في داخل كلّ منا.

قديماً كان يعتمد الهنود الحمر على حاسة الشم في تحديد أماكن وجود المياه، بل إن بعض الهنود الموجودين حالياً لديه مثل هذه القدرة. كما أننا نرى بعض الناس يستطيع أن يجرّ أطناناً من الحديد بشعره أو بأسنانه. وهناك من لديه قدرات هائلة على تحمّل الألم.

بل الأعجب من هذا، غريزة السباحة عند الكائنات الحية، فالقطط تكره المياه كرهاً تاماً، ولا تحب أن تبتل، ولكن ما أن تلقي بها في حوض ملئ بالسباحة حتى تسبح كما تسبح الأسماك. الإنسان أيضاً لديه القدرة على السباحة بالفطرة، لذا يستطيع الأطفال أن يسبحوا بسلاسة عندما نلقيهم في حوض سباحة. ولكن ما أن يكبر الإنسان دون أن يتمرّن على استخدام هذه القدرة الغريزية لديه، ويبدأ في إدراك مفهوم (الغرق) و(الموت) حتى يفقد السيطرة عليها، ويظن – مجرّد ظن – أنه غير قادر على السباحة، وقد يدفع حياته ثمناً لهذا الظن!

استطاع الإنسان على مر العصور أن يصل إلى ما سبق من أمثلة بل وأن يصقلها لحاجاته باجتهادات فردية أو جماعية غير منظمة. فتخيل معي لو كان نظام التعليم لدينا يعمل على كشف هذه الطاقات الحقيقية من داخلنا، ويحثّنا على التغلب على المفاهيم التي تحجب عنّا إدراك هذه القدرات مثل تلك التي تمنع البعض من السباحة برغم أنه لو استرخى في الماء قليلاً لتحركت يداه ورجلاه بشكل فطري.

لِـمَ لا نواجه الإعلام الغربي المضلل والمروّج للسحر والسحرة، بإعلام موجّه لعالمنا الإسلامي يخبرهم أن لديهم طاقات هائلة، وأنهم ليسوا بحاجة إلى التحوّل إلى سحرة كي يتمتّعوا بالحياة لأن كل ما عليهم فعله هو أن يسابقوا الزمن، ويطلقوا العنان لمواهبهم وقدراتهم كي يبتكروا، ومن يدري فربما يتوصل بعضهم.. أو بعضنا.. إلى لوحات التحكم لهذه الإمكانيات الموجودة فينا والتي نجهل عنها الكثير.

تحياتي

أضف تعليقاً